إنه لما كان سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء المرسلين ، وأشرف,الخلقِ الذي حمّله الله تعالى الرسالةَ الخاتمة للعالمين ؛ فقد قضتِ الحكمةُ الإلهيةُ أنْ يقترنَ ذكره بذكر الله عز وجل في كل مقام ومحفل وهو الذي أثنى عليه المولى سبحانه وهو الذي خاطبه سبحانه في كتابهِ العزيز بالنبوّة دون سائر الأنبياء في غير ما موضع فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو حبيبُ الله تعالى، ومحبّته صلى الله عليه وسلم تبَعٌ لمحبّة المولى تبارك وتعالى ؛ فهو المبلّغ لشرعه الحنيف أمرًا ونهيًا ، وهو أكمل مَن خلقَ الله تعالى والنفوس مجبولة على حبِّ الكمال وهو أعظمهم وأكثرهم فضلا وإحسانا على الخلقِ وكذا فالنفوس الطاهرة النقيّة مفطورةٌ على حبِّ من جادَ لها بالخير وأحسنَ لها بالفضلِ بأنْ أنقذنا من غياهب الجاهلية العمياء وانتشلنا من أَوحَال الضلال وأرشدنا بالرحمةِ وناموس الحكمةِ الغرّاء إلى,مدارج الهداية ومعارج الكمال.,هو إمام وأمير المرسلين وقائد الغرِّ المحجّلين ...هو الصادق المصدوق الرحيم الشفوق ... هو الصابر المصابر الثابت على الحقِّ الداعي إلى الحِلمِ والرفقِ ...هو المجاهد المجالد المكافح المنافح عن حياض الدين وشرعِ ربِّ العالمين المرسّخ لأصول التوحيد في قلوب المؤمنين والمداوم على علو الهمّة في تحقيقِ ذلك طوالَ حياتهِ حتّى أتاه اليقين ؛ فصلواتُ ربّي وسلامه عليه صلى الله عليه وسلم في كُلِّ وقتٍ وفي كُلِّ حين .,لمَّا كانَ لهذا النبي صلى الله عليه وسلم ذاكم الوزنُ العظيم وهذا الفضل العميم ، حقَّ حينئذٍ أنْ ينقِّب المرء في ثنايا القرآن الكريم وصحيح متون الأصول عن أسرار حبِّ الرسولِ عند الصّحابة الكرام ؛ الذين عرفوا قدره وأحبّوه بعد حبِّ الله تعالى أكثر من كلِّ شيء وأطاعوا أمره واستنُّوا بسنته واقتفوا أثره وتأدّبوا بحضرتهِ ونالوا شرفَ صحبتهِ والقربَ منهُ واستقت قلوبهم ونفوسهم من طوالعِ أنوارهِ ونهلتْ عقولهم من بحارِ أسراره.