«لا بدّ أن يلاحظ قارئ هذه الصّفحات همَّين حاضرين في معظمها: الأوّل قياس أوضاعنا على شروط تقدّم الغرب، ونعلم أنّ تهمة ’المركزيّة الأوروبيّة‘ أو ’الغربيّة‘ هي دائماً بالمرصاد لمثل هذه المقاربات... لهذا بدا من الضروريّ، هنا، التعريف ببعض أوجه الصيرورة الغربيّة ذات المنال الصعب، إذ طغى تقليديّاً إمّا اختزال تاريخ الغرب وكلاسيكيّاته وإمّا إغفاله... أمّا الثاني فاعتبار ما بات يُعرف بـ’حركة التحرّر الوطنيّ العربيّة‘ حدّاً فاصلاً وحاسماً في تقريريّته، ومن ثمّ الربط بين المآسي الراهنة في المشرق العربيّ وتلك الحركة في ظفرها وصعودها من خلال الانقلاب العسكريّ، هي التي لا يزال يُرجم بقاموسها وبخرافاتها كلّ جهد في طلب الحرّيّة والخبز والكرامة الإنسانيّة...» (من مقدمة الكتاب)
حازم صاغية
مات أسامة بن لادن، لكنّ القاعدة تظلّ التهديد الأكبر لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. مع انتشار فروع القاعدة في المواضع الاستراتيجية الملتهبة، من اليمن والصومال إلى شمال أفريقيا، وتزايُدِ نفوذها لدى الجهاديين المحلّيين في الغرب، يتحرّى الصحافي والخبير بهذا التنظيم عبد الباري عطوان كيف نجت القاعدة من جميع المحاولات التي بُذلت لتدميرها. لقد وسّعت القاعدة بعد بن لادن امتدادَها بتأسيس تحالفاتٍ جديدة واستغلال الفرص التي توفّرها الاضطرابات الإقليمية. وقد فتح الربيعُ العربي ساحات معارك جديدة أمام الجهاديين، لاسيّما في ليبيا ومنطقة الساحل الأفريقي وسوريا ومصر. وفي حين لا تلوح أيُّ مؤشّرات على تباطؤ اندفاعة المتطرّفين لإقامة خلافة كونية، يرسم عطوان ملامح الجيل التالي من مقاتلي التنظيم الميدانيّين وقادته ويستكشف الأساليب الجديدة التي يتبنّونها لمتابعة جهادهم في هذا العصر الرقمي.
عبد الباري عطوان
من الحقائق الواضحة أن للقادة دورهم المتميز فـي صناعة التاريخ، بما وهبهم الله من موهبة خاصة، وقدرة متفردة تميزوا بها عن سائر الناس. فالبشرية تحتفظ فـي تاريخها الطويل بقائمة طويلة لأشخاص أثروا فـي مسار التاريخ، وساهموا فـي صناعة مراحل مهمة منه، ورسموا أبعاد الحقب اللاحقة بأعمالهم البارزة. ونظرًا لأهمية الأفراد الأفذاذ فـي المسيرة التاريخية للشعوب والمجتمعات، فقد شاع فـي الكثير من الدراسات استخدام اصطلاح (الدور التاريخي) و(الشخصية التاريخية) و(البطل التاريخي) عند الحديث عن عظماء خالدين وقادة وعلماء أثروا فـي الحياة البشرية وساهموا فـي رسم مساراتها، كل فـي مجاله: السياسي، أو العسكري، أو العلمي، أو الاجتماعي، أو الديني. بحيث صارت خطواتهم، وأفعالهم محل دراسة الأجيال التالية لهم.
خميس حسن
في مطلع كل عام دراسي، تَصْدُقُ كلية الآداب والفنون في جامعة فيلادلفيا، ما عاهدت جمهور الباحثين والمثقفين عليه، فتصدر أوراق مؤتمر فيلادلفيا الدولي الذي اختُتِمَ في مجلّد أو مجلّدين، وذلك بعد أن تكون قد ميّزت وحكّمت وحرّرت هذه الأوراق وفق الأصول العلمية المتّبعة. ومن نافل الحديث القول بأن مجلّدات المؤتمر قد غدت مرجعًا من مراجع الثقافة العربية المعاصرة، ويعود إليها الباحثون والنقاد والمثقّفون بوصفها سجلاً فكريًا حافلاً بالمواكبة والحِجاج، والمقاربات التطبيقية والواقعية والعقلانية الرصينة.وقد تفرّدت كلية الآداب والفنون في جامعة فيلادلفيا، من خلال هذا المؤتمر، بالتصدّي لخريطة (التاريخ العربي ومناهج الفكر الحديث)، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً، وقلّبت إحداثيات هذه الخريطة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، بجرأة سوف تذكر لها، لأن هذا التفرّد يأتي في ذروة التحوّلات العاصفة في الوطن العربي. ولن نبالغ إذا قلنا إن كثيرًا من أوراق المؤتمر قد حقّقت المطلوب منها، وهو الاضطلاع بمهمّة استشراف القادم، بإيجابياته وسلبياته.فتحيّة لكل الباحثين الذين أغنوا هذا المؤتمر بفيض أفكارهم، والشكر موصول لكل أعضاء اللجان الذين عملوا ليلاً نهارًا لإنجاح أعماله، راجين أن نكون في جامعة فيلادلفيا، ومن خلال كلية الآداب والفنون ومؤتمرها الدولي، قد اضطلعنا بدورنا الثقافي والتنويري على طريق النهضة العربية الثانية المنشودة.أ. د. مروان راسم كمال
غسان عبد الخالق، هالة العبوشي، عمر الكفاوين، نداء مشعل
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب محمد حمشي مدخل إلى نظرية التعقد في العلاقات الدولية، وهي النظرية التي صارت مفاهيمها وافتراضاتها جزءًا من النقاشات السائدة في العلوم الاجتماعية. فالتعقُّد مظهرٌ جوهري من مظاهر عمليات السياسة العالمية وتفاعلاتها، خصوصًا خلال العقود الثلاثة الأخيرة. لذلك، ينافح هذا الكتاب عن مزايا إقحام هذه النظرية في حقل العلاقات الدولية، بدءًا بفهم النظام الدولي بوصفه نظامًا معقدًا (أو نظامًا معقدًا يتشكل من أنظمةٍ معقدة عديدة) ونظامًا شواشيَّ السلوك، بدلًا من الفرضية التقليدية التي تقدمه باعتباره نظامًا فوضوي البنية، وهي فرضيةٌ حافظت عليها التقاليد والنقاشات النظرية المتعاقبة التي شهدها تاريخ الحقل المعرفي. ويسعى حمشي هنا إلى فتح نقاش بشأن عدد من الإشكاليات النظرية المتأصلة في حقل العلاقات الدولية، والتي تندرج ضمن إشكاليتَي السببية والنظرية الكبرى، وما يمكن تعلّمه من نظرية التعقد لفهم المخارج الممكنة من المعضلات التي تنشئها هذه الإشكاليات. مدخل إلى نظرية التعقد يتألف الكتاب (460 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من ثلاثة عشر فصلًا، موزعة في أربعة أقسام. في القسم الأول، مدخل إلى نظرية التعقد، ثلاثة فصول. يقدم المؤلف في الفصل الأول، "فيزياء الكوانتوم مدخلًا إلى نظرية التعقد"، نقاشًا مقتضبًا حول فيزياء الكوانتوم بوصفها مدخلًا إلى نظرية التعقد، متفحصًا المبادئ الأساسية المؤسِّسة لفيزياء الكوانتوم، وهي اللايقين والازدواجية والمصادفة والتراكب. ثم يقدم حمشي مجموعة من المفارقات التصورية لفهم هذه المبادئ. والمفارقات هذه تكمن ميزتها الأساسية في كونها تستند إلى موضوعاتٍ تنتمي إلى العالَم الماكروسكوبي (لا العالَم المايكروسكوبي الذي تبحث فيه فيزياء الكوانتوم)، وهي، من ثم، تنتمي إلى العالَم المشاهَد، لكنها مع ذلك تبقى معبِّرة عن تلك المبادئ التي تبدو غامضة بالنسبة إلى غير المتخصص. كما يناقش مجموعة من صور الرسام التشكيلي موريتس إيشر المستوحاة رياضيًا، والتي تعطي انطباعًا حسيًا عن مجموعة من المفاهيم المغالية في التجريد التي تطورت في الفيزياء والرياضيات. مفاهيم أساسية في الفصل الثاني، "نظرية التعقد: مفاهيم أساسية"، يعرض حمشي ستة مفاهيم أساسية تقوم عليها النظرية، هي: معضلة الأجسام الثلاثة؛ مفاهيم الشواش والحساسية (المفرطة) للتغير في الشروط الابتدائية؛ أثر الفراشة؛ التشعب الثنائي والتماثل الذاتي؛ الهندسة الكسرية/ الفراكتلية؛ التنظيم الذاتي والمنظومات البعيدة عن التوازن. يختم حمشي هذا الفصل بالقول: "لطالما كان العلم، والفيزياء تحديدًا، مزيجًا معقدًا من تصورات راسخة وتسلسلات هرمية هشة. ’إن معارفنا لا تستوي‘، على حد تعبير لورسا، ’بل لكلٍّ منها وزنٌ، فبعضها يُعَدُّ مهمًّا، في حين يُعَدُّ بعضُها الآخر غير ذي أهمية. وحتى حقبة الستينيات أو السبعينيات، كان ثمة إجماع ضمني على أهمية الحتمية، بينما الحساسية للشروط الابتدائية (المعروفة منذ القرن التاسع عشر( لم تكن كذلك، كما كانت تُعَدُّ الأنظمة القابلة للتكامل مهمة، بينما لم تكن تعقيدات مسألة الأجسام الثلاثة (المعروفة منذ عهد بوانكاريه) مثيرة للاهتمام. لقد سمح [التعقد والشواش] بإعادة النظر في الكثير من هذه التعميمات، كما أطاح بعض هذه التسلسلات الهرمية. فقد جعلت بعض الظواهر، التي كانت تُعدّ حتى ذلك الوقت مجرد ضجيج بسيط ينبغي التخلص منه أو تركه جانبًا، ذات أهمية". أنظمة معقدة في الفصل الثالث، "التعقد والأنظمة المعقدة"، يناقش حمشي بشكل معمَّق مفهومَ التعقد، متفحصًا خصائص ما بات يُعرف بالأنظمة المعقدة بوصفها مدخلًا أساسيًا لفهم خاصية التعقد في حدّ ذاتها. ويرى أن الهوس بالبساطة والاختزال هو الذي حرك العلم الكلاسيكي للبحث عن الوحدة الأولية التي يتشكل منها الكون؛ "إذ اعتُقِد في البداية أن الذرّة هي الوحدة الأولية، لكن تبيّن أن الذرّة في حد ذاتها عبارة عن نسقٍ معقدٍ جدًّا، وقابلة هي الأخرى لتجزيئها/ تبسيطها إلى كواركات، وفي الوقت الذي اعتُقِد فيه أنه جرى التوصل إلى الوحدة الأولية للكون، واتضح أن هذه اللبنة - الإلكترون مثلًا - عبارة عن وحدة غير واضحة المعالم، معقدة، ويتعذر عزلُها عن محيطها. وما حدث هو أن الاكتشافات العلمية التي حدثت، في أثناء رحلة التبسيط والاختزال هذه، اتضح أنها أشدُّ تعقدًا من التعبير عنها بلغة تبسيطية أو اختزالية". وعود وحدود في القسم الثاني، نظرية التعقد في العلاقات الدولية: الوعود والحدود؟، ثلاثة فصول. يبحث المؤلف في الفصل الرابع، "التعقد بوصفه خاصية للعلاقات الدولية"، في وجهات النظر المتنامية التي تسعى إلى مساءلة تسمية "الدولي " في حقل العلاقات الدولية، والتي تحتج بكون أن تسمية "العلاقات بين الدول" باتت أضيق من أن تتمكن من وصف الطيف الآخذ في الاتساع من الفواعل والتفاعلات التي ينبغي للحقل المعرفي أن يغطيها. ويركز على مساهمات جيمس روزنو بشأن مفهوم "الحكم من دون حكومة" الذي صار أساسًا لمفهوم الحوكمة العالمية، كمفهومٍ إبستيمولوجي وأنطولوجي في الوقت نفسه؛ إذ يعبّر عن تحوّل في طبيعة الواقع، كما يعبّر عن تحول في الكيفية التي ينبغي لنا أن نتصور بها هذا الواقع (نظرية العلاقات الدولية). كما يركز على إبراز الاستبصارات التي يمكن بارادايم الاضطراب، الذي وضعه روزنو، أن يزودنا بها لفهم مظاهر التعقد في السياسة العالمية الراهنة. ويسعى المؤلف، كذلك، إلى فحص المصادر بالتركيز على مظاهر انتشار الفواعل في السياسة العالمية بجميع أشكاله، بدءًا بالارتفاع المستمر في عدد سكان الكوكب، مرورًا بعدد الدول في النظام الدولي، وصولًا إلى عدد الفواعل غير الدولتية، فضلًا عن إبراز أشكال التحول الكيفي في طبيعة هذه الفواعل وقدراتها وأدوارها، علاوة على التعقيدات التي تنبثق عشوائيًا وعلى نحوٍ غيرِ متوقعٍ جرّاء التفاعل المستمر بينها. مقاربة نظرية في الفصل الخامس، "التعقد بوصفه مقاربة نظرية للعلاقات الدولية"، يناقش حمشي ثلاثة موضوعات أساسية على جدول أعمال مساهمات نظرية التعقد داخل حقل العلاقات الدولية: خاصية التعقد في النظام الدولي، وإشكالية مستويات التحليل، والدعوة إلى إضفاء الطبيعة العابرة للتخصصات على الحقل المعرفي. ثمة أيضًا فحصٌ لخاصية التعقد في السياسة العالمية عبر فحص النظام الدولي كنظامٍ عالمي معقد، ويجري اقتراح إعادة النظر في فرضية الفوضى كفرضيةٍ مؤسِّسة، ومن ثم تقديم النظام الدولي بوصفه نظامًا شواشي السلوك بدلًا من تقديمه بوصفه نظامًا فوضويًا، مع المحاجّة بأن مفهوم الفوضى هو مفهوم تبسيطي لنظام متزايد التعقد. كما يتطرق إلى مضامين الدعوة التي يعتمدها أنصار نظرية التعقد، وهي دعوة إلى عبور الحدود الفاصلة بين مستويات التحليل التقليدية، والتأمل في الارتباطات (البينية) بين هذه المستويات والكيفية التي تنتفي بها الهيراركية التقليدية بينها وتصبح جميعُها مهمة في أي عملٍ تحليلي، فضلًا عن الإمكانية المستمرة في انبثاق مستويات جديدة جراء التعقد المتزايد في السياسة العالمية، مستعينًا بأدوات تحليلية مساعدة، كشريط موبيوس الذي يعبّر عن ظاهرتَي اللاتمايز وعدم القابلية للتمييز بين الداخلي والخارجي، ومفهوم المنطق الضبابي الذي يعبّر عن حالة الضبابية والغموض غير القابلة للاختزال في مفاهيم متخيَّلة ومضلِّلة مثل الحدود والمستويات. تعقد العلاقات الدولية في الفصل السادس، "وعود نظرية التعقد وحدودها في حقل العلاقات الدولية"، يناقش حمشي الوعود التي يُنتظر أن تحققها نظرية التعقد في حقل العلاقات الدولية، وتتمثل في إعادة تعريف الحقل المعرفي، وإعادة التفكير في إمكانية التنبؤ بالسلوك اللاخطي للنظام الدولي المعقد/ الشواشي. كما يناقش ثلاثة افتراضات أساسية تقوم عليها نظرية التعقد في الحقل: اللاحتمية واللاتعيُّن، وعدم القابلية للتفكيك، واللاخطية. ويستعرض المبادئ الإبستيمولوجية الأساسية للنظرية، كما حددها كافالسكي: المنطق الحواري، والتآثر بين الأسباب والنتائج، والهولوغرامية التي تصف انتفاء الحدود التقليدية بين الكُلَّات والأجزاء، حيث يمكن الكلَّ أن يكون في الوقت نفسه جزءًا لكلٍّ أكبر منه، أو أن يصبح كذلك كلًا في حدّ ذاته. إشكالية السببية في القسم الثالث، "نظرية التعقد وإشكالية السببية في حقل العلاقات الدولية"، أربعة فصول. يقدّم المؤلف في الفصل السابع، "النقاش بشأن أسباب الحرب: فحص المداخلات الأساسية"، قراءة نقدية مقتضبة في المداخلات الأساسية في النقاش حول أسباب الحرب، كمظهرٍ للأزمة الإبستيمولوجية التي تتسم بها إشكالية السببية. في الفصل الثامن، "السببية بوصفها إشكاليةً في حقل العلاقات الدولية"، يناقش المؤلف المضامين الإبستيمولوجية للسببية بوصفها إشكاليةً في حقل العلاقات الدولية. ويقول حمشي إن البحث في الفشل الذي تعانيه مساعي الوصول إلى نظرية مقبولة بشأن أسباب الحرب ينبغي أن يعتمد مقاربةً ما وراء نظرية، كما ينبغي إطلاق الدعوة إلى مساءلةٍ إبستيمولوجيةٍ لمفهوم "السبب" في حدّ ذاته، وللكيفية التي يجري بها التفكير في شأن مسألة السببية، بدلًا من الاستمرار في فحصِ المقولات المُتضمَّنة في المداخلات التي تناقش مضامين الأسباب كلٌّ على حِدَة. وتأتي هذه الدعوة ضمن التأملات ما وراء النظرية الساعية إلى تشكيل نظرةٍ حول معرفتنا بالأشياء، بمعزلٍ عن تلك المعرفة. تنطلق هذه المساءلة من الافتراض بأن منطق الفشل الذي تعانيه مساعي الوصول إلى "نظرية مقبولة" بشأن أسباب الحرب لا يكمنُ في مضمون السبب الذي يحدده باحثٌ ما بشأن ظاهرة الحرب، أو غيرها من الظواهر الدولية، لكنه يكمن قبل ذلك في تصوره - المسبق - لمفهوم "السبب" في حدّ ذاته. بديل للسببية في الفصل التاسع، "نحو مفهومٍ بديلٍ للسببية في حقل العلاقات الدولية"، يسعى حمشي إلى تقديم المفهوم البديل للسببية، الذي يستند إلى مساهمات الواقعية النقدية، مثلما يسعى إلى استخلاص بعض الدروس من نظرية التعقد، وينطلق من الافتراض أن التفسيرات السببية ينبغي أن تكون حساسةً للتعقد (المتزايد) الذي دائمًا ما يجعل الأسباب في العالم الاجتماعي معقدة، وأن تعمل وتتفاعل ضمن مُركَّبات سببية، ولا تُعطى/ يُبحث عنها بوصفها متغيرات مستقلة بعضها عن بعض. برأيه، إذا كانت أطروحات النظرية الواقعية تساهم في تشكيل الكيفية التي تعتقد الدول أنها ينبغي أن تتصرف وفقًا لها، والتي غالبًا ما تكون احترابية هوبزية، فإن من الملائم القول إن النظرية تمنح الدول مسوغات سببية/ مسوغات تؤدي دور الأسباب لجعلها لا تتصرف وفقًا لكيفية معيّنة؛ "بعبارة أخرى، يبدو أن النظرية الاجتماعية والواقع الاجتماعي مترابطان سببيًا، وأن النظرية الاجتماعية دائمًا ما تتأثر بالواقع الاجتماعي وفي الوقت نفسه تؤثر فيه. لذلك، إذا اعتبرنا أن السببية الاجتماعية غير ملتزمة بالحتمية المطلقة، سيصير من الممكن إضفاء مزيد من الدقة على صيغة الافتراض السابق، بالقول إن النظرية يمكن التعامل معها بوصفها مسببًا للممارسة أكثر من التعامل معها بوصفها ممارسةً في حد ذاتها". ميكانيزمات ومركّبات في الفصل العاشر، "من الميكانيزمات السببية إلى المركّبات السببية: دروس من نظرية التعقد"، يستخلص المؤلف من نظرية التعقد دروسًا لتبرير الانتقال من مفهوم الميكانيزمات السببية إلى مفهوم المركّبات السببية. برأيه، ما زالت المشكلة كامنة في أن المقاربة البنائية لنهاية الحرب الباردة تبقى رهينة وهْم رؤية الأحداث في الماضي على أنها كان من الممكن التنبؤ بها قبل حدوثها لو جرى التركيز على دراسة التغيُّر في الأفكار بدلًا من التركيز المفرط على العوامل المادية؛ "فطوال ربع القرن الماضي، استمر الباحثون في حقل العلاقات الدولية في الحُكم على المقاربات العقلانية بالفشل في التنبؤ بنهاية الحرب الباردة، ثم يشرعون بعد ذلك في سرد قصة نجاح المقاربة البنائية في تفسير نهاية الحرب الباردة، في حين أنهم نادرًا ما كانوا ينتبهون إلى أن هذين المسعيين - التنبؤ والتفسير - يفتقران إلى القابلية للمقايسة، وبالتالي فمن غير المقبول أن نحاكم الفشل في التنبؤ بالمستقبل استنادًا إلى النجاح في تفسير الماضي". إشكالية النظرية الكبرى في القسم الثالث، "نظرية التعقد وإشكالية النظرية الكبرى في حقل العلاقات الدولية"، ثلاثة فصول. يقدم المؤلف في الفصل الحادي عشر، "إشكالية ’النظرية الكبرى‘ في حقل العلاقات الدولية"، قراءة في المداخلات الرئيسة بشأن إشكالية النظرية الكبرى في الحقل، مع التركيز على مداخلات كريس براون الذي يجادل على نحو واضح بغياب نظرية كبرى واحدة تتطور وفقًا لنقاشات داخلية متسقة تعبّر عن وجود تقدّمٍ معرفي كما تعرّفه الدراسات الإبستيمولوجية للحقل. برأيه، يمكن المجادلة بأنه كلما زاد التعقد في الواقع الذي ندرسه حدّةً، "زادت حاجتنا إلى التخلص من استبداد منطق النظريات الكبرى، والبحث في كلّ ما من شأنه مساعدتنا في فهم هذا التعقد المتزايد والتعامل معه. في هذا السياق، لا تفتأ فلسفة التعقد تخبرنا أن مقارباتنا للواقع ينبغي أن تأخذ على محمل الجد كلَّ شيءٍ وأيّ شيء يمكن أن يكون مهمًّا في التحليل، ولا يوجد معيار نهائي يمكن من خلاله الحكمُ بثقة تامة بين ما هو مهمٌّ وما هو غير مهمّ". الانتقائية التحليلية في الفصل الثاني عشر، "الانتقائية التحليلية في حقل العلاقات الدولية"، يناقش حمشي مفهوم الانتقائية التحليلية من بين النظريات في علاقته بإشكالية النظرية الكبرى، مع إبراز وعود الفلسفة الانتقائية والدروس الممكن تعلُّمها من نظرية التعقد. وبرأيه، ثمة سببان أساسيان يجعلان الانتقائية التحليلية تستحق مساحة أكبر ممّا تحظى به الآن في تخصصات العلوم الاجتماعية، بما في ذلك تخصص العلاقات الدولية: الأول، الانتقائية التحليلية وحدها تهدف إلى مَشكلة الظواهر المعقدة التي تواجه الممارسين والفواعل السياسيين، وهي الظواهر التي عادة ما يجزّئها أنصار التقاليد البحثية إلى مجرد أحجيات أضيق فأضيق؛ والثاني، الانتقائية التحليلية وحدها مُصمَّمة للتنقل بين نظريات من تقاليد متعددة في وقتٍ واحد، بحثًا عن الروابط بين أنواع مختلفة من الميكانيزمات السببية التي يجري التعامل معها عادة منعزلة ضمن التقاليد البحثية المنفصلة بعضها عن بعض. نزع الطابع الإشكالي في الفصل الثالث عشر والأخير، "من الانتقائية التحليلية إلى الواقعية النقدية: نحو نزع الطابع الإشكالي عن مسألة الإبستيمولوجيا في حقل العلاقات الدولية"، يعرض المؤلف مجموعة من الملاحظات حول الكيفية التي يمكن أن تساعدنا بها المداخلات، بشأن إشكالية النظرية الكبرى والانتقائية التحليلية، في تصور آفاق نزع الطابع الإشكالي عن مسألة الإبستيمولوجيا في الحقل المعرفي. يُنزل حمشي بروز الواقعية النقدية في حقل العلاقات الدولية في منزلة توجه جديد ومهم، "حيث يمكن أن تُفتح قنوات جديدة وبنّاءة للنقاش النظري بين المقاربات النظرية المختلفة للسياسة العالمية؛ فبرفضها المقارنة والمقايضة بين التحليلين التفسيري والفهمي من جهة، والتحليلين السببي وغير السببي من جهة أخرى، وبرفضها الالتزام الخطابي المسبق بأي عامل من العوامل المادية أو العوامل الاجتماعية والمعلقة بالأفكار، وبرفضها دعم أيٍّ من الاتجاهين الإبستيمولوجيَين المتعارضين - النموذج الوضعي للعلم والنموذج الرافض لفكرة العلم لدى بعض التأمليين - كل هذا يمكن أن يتيح الفرصة أمام الحقل للمضي قُدمًا إلى ما هو أبعد من التعارضات الثنائية، ومن شأن ذلك أن يتيح الفرصة أمام وجهات النظر اللاوضعية لتحظى بالتقدير في صورة جديدة لها، لكون وجهات النظر تلك تظل ذات مساهمات علمية وفكرية مهمة.
محمد حمشي
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب السياسة الخارجية التركية: الاتجاهات، التحالفات المرنة، سياسة القوة، يجادل فيه مؤلفه عماد قدورة بأن السياسة الخارجية التركية الحالية تعتمد على تقوية العلاقات مع القوى الكبرى في الغرب والشرق معًا، ضمن تحالفات مرنة تتجنّب الاعتماد على حليف مُهيمن، وتستفيد من مزايا الاتجاهين، وتُوازِن أحدهما بالآخر في حال التوتر. مع ذلك، تواجه تركيا معضلةً في بناء هذه التحالفات؛ إذ لا يمكن الاعتماد عليها كليًا، كما تنطوي على التنافس والاختلافات السياسية. لذلك، تعمل على تطوير اتجاه ثالث لتحقيق المصلحة القومية هو تعزيز الاستقلالية من خلال الاكتفاء الذاتي الاستراتيجي اقتصاديًا ودفاعيًا، وانتهاج السياسة الحازمة التي تجمع بين الدبلوماسية وسلوك القوة. يفصّل الكتاب في السياسة الخارجية الحالية واتجاهاتها وتحالفاتها، ويدرس الأحداث والمتغيرات المحلية والخارجية، في الفترة 2010-2021، التي أثّرت في بلورتها، ويناقش مدى ارتباطها بسياسات سابقة منذ حرب الاستقلال وتأسيس الجمهورية عام 1923. فقضايا السياسة الخارجية ترتبط بتيار سائد وشعور قومي مشترك بمكانة تركيا، لكن تحقيق غاياتها يعتمد على نهج الحكومة وفاعليتها وسلوكها. جذور السياسة الخارجية التركية يتألف الكتاب (272 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من أربعة فصول. في الفصل الأول، "جذور السياسة الخارجية التركية وتطورها: 1923-2011"، يبين المؤلف اهتمام السياسة الخارجية بعد تأسيس الجمهورية مباشرة بتعزيز الاستقلال والتوازن في العلاقات الدولية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، مع تفضيل العزلة الإقليمية والحياد الدولي. ويوضح كيفية تغيّر اتجاه علاقات أنقرة في أثناء الحرب الباردة من خلال التحالف مع الغرب، والذي لا يزال قائمًا حتى الآن. كما يركز على محاولة تركيا القيام بدور إقليمي بعد عام 1991، وهي التجربة التي كانت مُلهمة لتدشين دور إقليمي نشط منذ عام 2002. ثمّ يركز الكتاب على جذور تشكّل السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية ومعالم هذه السياسة حتى عام 2011. يكتب قدورة: "حافظت مبادئ السياسة الخارجية في عهد حزب العدالة والتنمية على المبدأ الأساسي التقليدي ’سلام في الداخل، سلام في العالم‘؛ إذ يعتقد الحزب أنّ نهجه الجديد رغم تبنيه سياسات مختلفة عن الماضي، فإنه سيؤدي إلى الترويج للسلام والديمقراطية والحرية والأمن في الداخل والخارج، ويعزز مصالح تركيا بطريقة سلمية. وإضافة إلى ذلك المبدأ، اشتملت السياسة الخارجية على مبادئ وسياسات جديدة راجت في العقد الأول من حكم الحزب، مثل: التوازن بين الأمن والديمقراطية في الدولة من أجل تأسيس مجال للتأثير في البيئة المجاورة، وسياسة ’صفر مشاكل‘ مع الجيران، وتطوير العلاقات الجيدة مع المناطق المجاورة وما وراءها، وتأسيس علاقات متعددة التوجهات مع الأطراف الدولية على أساس الوفاق وليس التنافس، والدبلوماسية المتناغمة عبر الوجود في كل المنظمات الدولية والإقليمية". متغيرات محلية وخارجية في الفصل الثاني، "المتغيرات المحلية والخارجية المؤثرة في السياسة الخارجية: 2011-2021"، يناقش المؤلف العديد من التغيرات الجوهرية التي شهدتها الساحة المحلية، وكذلك الخارجية ذات الصلة بالعوامل المحلية، خلال الفترة 2011 -2021، ليبين مدى تأثير هذه العوامل في السياسة الحالية. يضم الفصل تسعة محاور تتعلق بتوتر العلاقات مع إسرائيل، وتأزم العلاقات مع كلٍ من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وارتباط ذلك بأحداث وعوامل محلية وإقليمية مثل حادثة سفينة "مافي مرمرة"، واحتجاجات حديقة "جيزي بارك"، وقضية "خلق بنك"، ومحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، وعلاقة ذلك بالصدام بين حزب العدالة والتنمية وحليفته حركة غولن. كما يرصد تأثير متغيرات أخرى في السياسة الخارجية مثل صعود القوميين وتحالف بعضهم مع حزب العدالة والتنمية، والانتخابات المتوالية خلال الفترة 2019-2014، والتحول دستوريًا نحو النظام الرئاسي، ومكانة الرئيس في البنية الجديدة لاتخاذ القرار الخارجي، وإعادة تأسيس العلاقات بين السلطة التنفيذية والمؤسسة العسكرية، والتي تؤثر بدورها في حشد التأييد للنهج الجديد للسياسة الخارجية. وتحت عنوان "الدبلوماسية الشخصية"، يقول المؤلف إن تبني تركيا النظام الرئاسي في عام 2017، ثمّ تعزيز سلطة أردوغان، أديا إلى صعود الدبلوماسية الشخصية في السياسة الخارجية التركية بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية. يكتب: "لقد أبرزت شخصية أردوغان وتأثيره في العقدين الماضيين الكثير من الجدل السياسي ليس في الشأن الخارجي فحسب، وإنما في السياسة التركية المعاصرة برمتها. ولا يمكن أن يُصنفّ أردوغان وفق توصيفات مبسّطة، فهناك نقاش مستمر حول سمات شخصيته وكيفية تأثيرها في خيارات تركيا وتوجهاتها السياسية". وبحسبه، يُعرف عن أردوغان أن ثمة سمات شخصية دفعته إلى المقدمة، "ومنها مثلًا اعتقاده الجازم بأن في إمكانه ’التأثير في ما يحدث في البيئة السياسية‘ من حوله في تركيا والعالم، وهذا ما جعله ’أكثر اهتمامًا ونشاطًا وانخراطًا في عملية صنع السياسة‘، و’الاعتقاد بالقدرة على السيطرة على الأحداث، وهو ما يؤدي إلى توجه سياسي استباقي‘، و’إدراك أن الحواجز التي تحول دون العمل الناجح يمكن التغلب عليها‘". تحالفات مرنة واتجاهات في الفصل الثالث، "التحالفات المرنة والاتجاهات في السياسة الخارجية الجديدة"، يجادل قدورة في ثلاث سمات للسياسة الخارجية التركية الحالية: أنها ذات نزعة استقلالية، وإن اتجاهاتها متجددة نحو الشرق أو الغرب أي إن لها جذورًا في فترات مختلفة من تاريخ الجمهورية ومن المحتمل أن تبقى كذلك في المستقبل، وأنها تميل إلى مرونة التحالفات بدلًا من الاعتماد على حليف مُهيمن، ومن ثمّ تسعى إلى موازنة علاقاتها بالقوى الخارجية الفاعلة، مع وجود ضوابط لكل اتجاه. ويناقش ذلك كله من خلال أربعة محاور: يركز أولها على ماهية النزعة الاستقلالية في السياسة الخارجية في تركيا؛ ويبحث ثانيها في سعي أنقرة الحثيث نحو تعزيز الاستقلالية وتقليص الاعتماد على القوى الكبرى من خلال محاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي الاستراتيجي وذلك بزيادة قدراتها الاقتصادية والدفاعية؛ ويناقش ثالثها محاولة استخدام تحالفات مرنة مع القوى الكبرى لموازنة العلاقات بينها على أساس مصالح أنقرة بالدرجة الأولى؛ ويحلل رابعها مدى تأثير متغيرات محلية مثل أفول الغولنيين وصعود القوميين في العلاقات تجاه الغرب والشرق، ومدى تأثير القوميين الفعلي في اتجاه السياسة الخارجية الحالية. يكتب قدورة: "مع تنامي قدراتها المادية الاقتصادية والدفاعية وانخراطها في سياسات استباقية قائمة على مصالحها وأمنها القومي، تسعى تركيا إلى تقليص دورها الوظيفي التابع من خلال تحالفات مرنة ... محاولة الاستفادة من مزايا التحالف مع الغرب والشرق معًا، وفي الوقت نفسه إيجاد المُوازِن في حال توتر العلاقات مع أحدهما". ومؤخرًا، "اكتسبت فكرة التحالفات المرنة أهميةً نتيجة تزايد التوترات مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من جهة، وتطور مستوى العلاقات الثنائية الاستراتيجية مع كل من روسيا والصين وإيران من جهة أخرى. وقد ساهمت متغيرات محلية في ذلك أيضًا بعد إقصاء ما يسمى ’الغولنيون‘ الداعمون للاتجاه الغربي، وصعود القوميين الداعين إلى علاقات أقوى مع الشرق". سياسة القوة في الفصل الرابع والأخير، "السياسة الخارجية الجديدة وسياسة القوة"، يتناول المؤلف التغير في سلوك السياسة الخارجية الحالية من خلال استخدام سياسة القوة، منذ عام 2016، التي تظهر من خلال النشاط الخارجي العسكري بأنواعه المختلفة. يضم الفصل خمسة محاور: الانتشار العسكري وتأسيس القواعد في الخارج كما في قطر والصومال وغيرهما؛ التدخل العسكري المباشر في سورية؛ السياسة البحرية الحازمة في شرق المتوسط؛ التدخل العسكري في ليبيا وصلته الوثيقة بالسياسة البحرية؛ التدخل العسكري في أذربيجان بوصفه خيارًا استراتيجيًا لتركيا في اتجاهها نحو الشرق. في نهاية الكتاب، يخلص المؤلف إلى تسعة استنتاجات أساسية يناقش فيها: معضلة بناء التحالفات، ومدى تجدُّد السياسة الخارجية الحالية من سياسات سابقة، وما يترتب من نتائج مستقبلية على كونها سياسة متجدِّدة، ودور الرئيس أردوغان في السياسة الحالية وتوجهاتها، ومدى تأثير صعود القوميين، ومدى تجاوز السياسة الراهنة الانقسام التقليدي العلماني – الإسلامي، ومكانة العلاقة المدنية – العسكرية الجديدة في السياسة الخارجية، وتأثير توسيع مفهوم الوطن والتدخلات العسكرية الجديدة في خطاب السياسة الخارجية وسلوكها واتجاهاتها.
عماد قدورة
هو قراءة عابرة للتخصصات لأمراض المدينة، تلتزم بقدر أكبر من الجرأة وقدر أقل من الانغلاق في تجاوزها حدود القطاعات المعرفية الصارمة وفي مقاربتها المادي وغير المادي من أعراض مرض التمدن في الفضاء المدني، وذلك من أجل بحث العلاقة بين اللساني والاجتماعي؛ بما أن التواصل داخل المدينة نشاط إنساني مركب ويتميز بقدر كبير من التعقيد، ولأن المدينة نسق من حياة العلامات السيميائية «تُخفي» في كثير من الأحيان خلاف ما تُظهر، و«تتكلم» عمرانيًا عن أشياء «تحجبها». وفي الوقت ذاته يسعى الكتاب إلى الاقتراب من بحث الاجتماعي والعمراني، وتتبع جدلية العلاقة بين النفسي والعمراني في المدينة العربية، مستلهمًا في ذلك الفن والأدب الذي يمنح «العلم» «متعته» و«عمقه». يحاول هذا الكتاب أيضًا أن يقدم تفسيرًا لعدد من الظواهر التي باتت اليوم علامة واضحة ومؤشرًا دالًا على "مرض المدينة" وعلى «تشوهات حياتنا المدنية» التي تعتبر نتيجة طبيعية للإقبال على "المدينة" من دون تخطيط أو تفكير. المؤلف: أكاديمي مغربي. مدير مركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية. حاصل على الدكتوراه في اللسانيات العامة واللسانيات العربية من جامعة محمد بن عبد الله بفاس. حاصل على عدد من الجوائز، منها الجائزة العربية للعلوم الاجتماعية والانسانية من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بقطر (2015). من مؤلفاته: الأسس الإبستمولوجية والتداولية للنظر النحوي عند سيبويه؛ سيبويه معتزليًا: حفريات في ميتافيزيقا النحو العربي؛ الأفق التداولي؛ سؤال المعنى؛ ما وراء السياسة؛ المخفي والمعلن في الخطاب الأمريكي؛ الحوار الحضاري: دراسة في النظام المعرفي والقيمي القرآني
إدريس مقبول
هو نتاج أعوام طويلة من البحث والإعداد والحصول على مواد أرشيفية لم تنشر، ومحاولة جادة لوصف المؤسسات والطرائق التي استعملتها إسرائيل لحكم الفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى نهاية الحكم العسكري (1966). ويمكن تصنيفه على أنه وثيقة تؤرخ لحياة الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم ومدنهم وقراهم بعد قيام «إسرائيل»، وتصف معاناتهم وحياتهم في تلك الحقبة الحاسمة من تاريخهم. ويُخضع الكتاب للتحليل والتموضع أساليب الرقابة والسيطرة وإدارة السكان التي اتّبعتها إسرائيل نحو الفلسطينيي، ويميط اللثام عن نقطة البداية لخطاب التحكم الإسرائيلي في الفلسطينيين ومنظور هذا التحكم، فيفتح بذلك للقارئ نافذة يمكن من خلالها التعرف إلى أساليب التفكير والاستراتيجيات والأهداف والرؤى الحقيقية لقادة إسرائيل. يرصد الكتاب نشأة السياسات والتكتيكات الإسرائيلية لإدارة السكان ومراقبتهم والسيطرة السياسية عليهم، ويلخص مناقشات واضعي هذه الاستراتيجيات ويتتبع تنفيذها وتأثيرها في الحياة اليومية للفلسطينيين، بما في ذلك التوزيع المكاني والنمو السكاني والهويات والولاءات، والمحتوى التعليمي ووسائل التأثير في وعيهم وسلوكهم السياسي وأنشطتهم الاقتصادية. يتضمن الكتاب أيضًا الكثير مما يمكن أن نتعلمه عن تعامل إسرائيل مع الدروز منذ الاعتراف بهم طائفة مستقلة في عام 1957 وحتى قانون القومية الذي سنّ في عام 2018 ،والذي اعتبرهم غرباء في وطنهم، كما سائر الفلسطينيين. المؤلف: أحمد سعدي، أستاذ علم الاجتماع السياسي. شارك مع ليلى أبو لغد في تحرير كتاب النكبة: فلسطين 1948، وادعاءات الذاكرة (Nakba: Palestine, 1948 and the Claims of Memory). له العديد من المقالات التي نُشرت في مجلات علمية محكّمة، وكتب فصولًا ضمن أعمال صدرت باللغات الإنكليزية والعربية والعبرية واليابانية والألمانية. المترجم: الحارث محمد النبهان، مترجم سوري، له ترجمات عديدة، منها: اختراع التقاليد لإريك هوبزباوم وتيرنس رينجر؛ القرية الكونية أو النهب الكوني: إعادة البناء الاقتصادي من القاعدة إلى الأعلى لجيريمي بريتشر؛ ماركس في سوهو لهوارد زن.
أحمد سعدي/ ترجمة:الحارث محمد النبهان
البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية التي استندت إليها، والقواعد الدستورية والقانونية التي انطلقت منها، كما يوثِّق الدور الإداري الذي قامت به لجان الانتخابات العامة، بدءًا بتسجيل الناخبين، وتقسيم الدوائر الانتخابية، وانتهاءً بإدارة الاقتراع، وفرز أصوات الناخبين، وإعلان النتائج الانتخابية. علاوة على ذلك، يحلل الكتاب كيف أدَّت الخصومات السياسية الحزبية والتناحرات الجهوية إلى تقويض عملية الانتقال الديمقراطي في السودان، وإفساح المجال لتدخل القوات المسلحة (الجيش) في الشأن السياسي، وكيف أفرز ذلك التدخل ما يُعرف بـ «الدائرة الخبيثة» في السياسة السودانية، والتي تبدأ بقيام نظام حكم برلماني ديمقراطي، يعقبه نظام حكم عسكري، ثم ثورة شعبية وحكومة انتقالية، ثم نظام برلماني ديمقراطي، وهكذا دواليك. أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، جامعة قطر. حصل على الدكتوراه في التاريخ في جامعة بيرقن بالنرويج (1998). عمل باحثًا في مركز دراسات الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بجامعة بيرقن (1995-1999)، ثم أستاذًا في قسم التاريخ والحضارة (1999-2012)، في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا. كما عمل باحثًا وأستاذًا زائرًا في مركز دراسات الشرق الأوسط الحديث ببرلين (2010، 2012، 2016)، وجامعة بتسبيرغ الأميركية (2015)، وجامعة ويسكونسن (2017). نشر أكثر من عشرين كتابًا، وخمسين بحثًا علميًا، باللغتين العربية والإنكليزيَّة. أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا. حصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية في نورث وسترن بالولايات المتحدة الأميركية عام 1984. بدأ حياته الأكاديمية محاضرًا بجامعة الخرطوم، والتحق بقسم العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا عام 1994. عمل عضوًا في هيئات تحرير عدد من المجلات العلمية المحكمة في ماليزيا وخارجها. كما يشغل عضوية عدد من الجمعيات المهنية، منها جمعية العلوم السياسية الأميركية، وجمعية العلماء السياسيين العرب، وجمعية الشرق الأوسط البريطانية. نشر أكثر من أربعين بحثًا علميًا، في دوريات عالمية وإقليمية، وخمسة كتب في مجال العلوم السياسية.
أحمد إبراهيم أبو شوك؛ الفاتح عبد الله عبد السلام
يحتوي على مسردٍ لأهم الفلاسفة البراغماتيين منذ سبعينيات القرن السابع عشر وإنشاء النادي الميتافيزيقي حتى أوائل القرن العشرين. سعت ميساك من خلال عملها إلى تحليل أطروحات هؤلاء المفكّرين واقتفاء مسار تاريخ الفكر البراغماتي. فحدّدت خطّين سائدَيْن ضمن هذا التقليد الفكري: يبدأ الأول مع تشالرز ساندرز بيرس وتشاونسي رايت، ويستمر مع كلارنس إرفينغ لويس وويلارد فان أورمان كواين وويلفريد سيلرز. في حين ينطلق الخط الآخر مع وليام جيمس ويتواصل حتى جون ديوي وريتشارد رورتي. تحدّد هذه السرديّة الجديدة الطموحة الصلات بين البراغماتية الأميركية التقليدية والفلسفة الأنكلو - أميركية في القرن العشرين، وتربط البراغماتية بالمواقف الرئيسة في التاريخ الحديث للفلسفة، مثل الإمبيريقية المنطقية. وترى ميساك بأنه يجب النظر إلى الصيغة البراغماتية الأكثر إقناعًا لاستعادتها بصفتها جزءًا مهمًا من التقليد التحليلي. شيريل ميساك، أستاذة جامعية. كانت نائب رئيس جامعة تورنتو. درّست الفلسفة في عدد من الجامعات مثل جامعة نيويورك وكلية سانت جونز. نالت جائزة هومبولت للبحث العلمي وحازت زمالة مؤسسة غوغنهايم. كتبت العديد من الأوراق البحثية وعددًا من الكتب، أهمها: براغماتية كامبردج: من بيرس وجيمس إلى رامسي وفيتغنشتاين (Cambridge Pragmatism: From Peirce and James to Ramsey and Wittgenstein) (2016)؛ الحقيقة والسياسة والأخلاق: البراغماتية والمداولة (Truth, Politics, Morality: Pragmatism and Deliberation) (2000)؛ عقيدة التحقّق: تاريخها وآفاقها (Verificationism: Its History and Prospects) (1995)؛ الحقيقة ونهاية الاستقصاء: سردية بيرس للحقيقة (Truth and the End of Inquiry: A Peircean Account of Truth) (1991). تتناول اهتماماتها البحثية البراغماتية الأميركية، وتاريخ الفلسفة التحليلية والفلسفة الأخلاقية والسياسية، وفلسفة الطب. جمال شرف، مترجم سوري حاصل على ليسانس آداب، قسم اللغة الإنكليزية، جامعة دمشق 1985، وعلى شهادة في الترجمة الفورية (1987)، جامعة دمشق. ترجم العديد من المقالات في دوريات ومجلات محلية وعربية. شغل منصب رئيس قسم الترجمة في القطرية الدولية للترجمة، قطر (2010-2015). من ترجماته كتاب تاريخ الجسد.
ميساك شيريل
Copyright©2020 China Intercontinental Press. All rights reserved
京ICP备13021801号