يسعى كل أب أن يترك لابنه ميراثًا يكون عونًا له في الدنيا، فمن يترك مالًا أو عقارًا، ومن يترك علمًا ينتفع به، ومن يترك وصية تنير الطريق للأبناء، وتكون خلاصة تجربة عاشها الآباء. ذلك النوع من الميراث لا يتركه إلا الأفذاذ أمثال «أحمد أمين»، الذي كان مدركًا البون الشاسع بين عصره وعصر أبنائه؛ لذا حاول أن يتلطف في نصحه مؤكدًا أن هناك العديد من القيم والمبادئ التي لا تتغير مع اختلاف الزمان. فالحق والصدق والعدل كانت أولى وصاياه، وأكد أن التمسك بهذه المبادئ فضيلة. كما أكد على أهمية الدين، ودوره في المجتمع، وانتقد بُعد الجيل الجديد عن التدين. أما السعي الدؤوب وراء المال فهو خسارة وضياع للعمر. ونصحه بضرورة الاستفادة من دراسته في أوروبا وأن يسعى إلى ضرورة تنمية مداركه.
أحمد أمين
هي أصوات نصدرها، ورموز ننقشها، إنها اللغة. لا توجد أمة من الأمم لا تعرفها، فهي ضرورة إنسانية اجتماعية، حيث يفكر كل إنسان من خلالها، ويتواصل مع الآخرين عبرها. فهي أداة للتفكير والتواصل. وبرغم أن هناك أشكال كثيرة للتعبير عن المعنى الإنساني كالرسم والنحت والرقص وغيرها، إلا أن للغة قدرة فريدة على تجسيد ذلك المعنى، فهي وعاء الثقافة الإنسانية، فإذا أريد لها أن تؤدي وظيفة دينية أو أدبية كانت مركبة تعكس تركيبية العالم الداخلي للإنسان، وإذا أريد لها أن تكون فلسفية أصبحت مجردة تعبر عن الكليات، وإذا تحولت إلى رياضية صارت أكثر تجريدًا. هي باختصار تشكل الوعاء الثقافي الأساسي لكل حضارة، بما تحمله هذه الحضارة من فلسفة وأدب وعلم وفن وعلاقات اجتماعية بين البشر.
سلامة موسى
نشعر دائمًا باللهفة للاقتراب من أبطالنا، سواءً كانوا فنانين أم أدباء أم سياسيين؛ فإننا نسعد لمعرفة ما هو أكثر من مجرد رءوس أقلامٍ عنهم، خاصة إن لم يكونوا من الشهرة بمكانٍ يتيح لنا رؤيتهم رأي العين، أو تداول الكثير من أخبارهم وسيرهم. ومن هذا المنطلق نجد «إلياس أبو شبكة» في الكتاب الذي بين أيدينا حريصًا على تعريفنا بثلة من أدباء «لبنان» وسياسييها في مقتبل القرن العشرين؛ عظماء لم يحصدوا القدر الكافي من الاحتفاء، يُخلِّد ذكراهم بوصفٍ متقنٍ لشخوصهم وحكاياتهم، يأخذنا في رحلةٍ تليق بأديب يكتب كتابة تنبع من محبةٍ لا تملُّق، شكَّل بواسطتها رسومًا وألوانًا ستزيِّن صور أصحابها في ذهن القارئ مدى الدهر.
إلياس أبو شبكة
يسعى الكاتب في كتابه هذا لإيجاد سبيل وسط، وآلية قراءة يقبلها العقل والدين للنظرية الداروينية المعروفة بنظرية التطور أو النشوء والارتقاء، حيث يرى الكاتب أن نظرية داروين لها أثر بالغ على مختلف الحقول المعرفية؛ ولهذا يرى أن البحث في النظرية وتقاطعاتها مع حقول المعرفة المختلفة ونقل هذا إلى العربية أمرٌ غاية في الضرورة لما فيه من نفع. وقد فنَّد الكاتب رأيين متباينين حول نظرية التطور؛ إذ يرى أن كلًّا منهما — سواء مَن أيَّد النظرية أو مَن عارضها — قد أضرَّ بها من غير وجه حَقٍّ، فتوجَّه بالنقد لكلٍّ من الدكتور شبلي شميل، والسيد جمال الدين الأفغاني؛ لما كان للأول من أثرٍ في نشر المذهب الدارويني اعتمادًا على المادية، ولما كان للثاني من أثر في العمل على نقض المذهب؛ ظنًّا منه أن نشره قد يُفْسِدُ الفكر والتقاليد أكثر مما ينفع.
إسماعيل مظهر
استلهم الكاتب من شخصية الفتاة اللبنانية التي عشقها وحي مناجاته مع القمر، وأراد أن يُعَلِّم الطلاب فن البلاغة والإنشاء من خلال تلك المناجاة. فالكاتبُ في هذا الكتاب يُنْزِلُ القمر من علياء السماء كي يرى فيه صورة المحبوبة بأسلوبٍ يفصحُ عن نفيس الدر في فن الإنشاء؛ فهو يتخذ من وجه القمر آيةً يُفَنِّدَ فيها دلائل الإعجاز الجمالي في هذا الوجود الرباني. فيستنطِقُ بحديثه مع القمر لسان الطالب ببدائع اللفظ الإنشائي، وقد وفِّقَ الكاتبُ في اصطفائه للقمر؛ كي يرسم على صفحته إبداع الخالق ويستقي من جماله القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية. وذلك لأن القمر الساكن في أفق الليل هو خير صديقٍ تُوْدِعهُ النفس آلامها وأحزانها.
مصطفى صادق الرافعي
ثلاثُمائة وخمسٌ وستون خاطرةً موزَّعةً على أيام العام، لم تكن «شوارد» بقدر ما كانت «شواهد» على قدرة صاحبها على الإمساك بالفكرة العابرة وتسجيلها بأريحيَّة بارعة وصدق بالغ. في الحادي عشر من أبريل سنة ١٩٥٠م بدأ «عبد الوهاب عزَّام» تدوين خاطرته الافتتاحية حاثًّا نفسه وقارئه على مباراة الأيام ومسابقة الزمان في نصرة الحقِّ وتحقيق النَّفع، وهكذا فعل. فرغم انشغالات المؤلِّف العظيمة باحثًا ومترجمًا وناظمًا، فضلًا عن أعبائه الدبلوماسيَّة كسفير لمصر في الخارج، إلا إنه استطاع أن يدوام على كتابة خاطراته يوميًّا طوال عام كامل، وكان يُعوِّض أوَّلًا بأوَّل ما يفوته تدوينه في حينه، حتَّى اختتمها في ١٠ أبريل سنة ١٩٥١م. في شوارد عزَّام نطالع ما يمكن أن نَعُده مذكِّرات شخصية: آراء نقديَّة أدبيَّة واجتماعيَّة وسياسيَّة، وحكمة رجلٍ مثقَّف من الطراز الرفيع.
عبد الوهاب عزام
الفراسة عند العرب علم من العلوم الطبيعية تُعْرف به أخلاق الناس الباطنة من النظر إلي أحوالهم الظاهرة كالألوان والأشكال والأعضاء، أو هي الاستدلال بالخلق الظاهر علي الخلق الباطن. وأما الإفرنج فيسمونه بلسانهم “Physiognomy” وهو اسم يوناني الأصل مركب من لفظين معناهما معا قياس الطبيعة أو قاعدتها، والمراد به هنا الاستدلال علي قوي الإنسان وأخلاقه من النظر إلي ظواهر جسمه
جُرجي زيدان
يحتوي هذا الكتاب بين دفتيه على مجموعة من النوادر والطرائف انتقاها إبراهيم زيدان بعناية من درر الأدب العربي، حيث غاص بين ذخائر هذا الأدب، فقدم لنا مقتطفات من «البيان والتبيين» للجاحظ، ومن «جمهرة أشعار العرب» للقرشي، ومن «الأغاني» للأصفهاني وغيرها من الذخائر التراثية، وأتي منها بأمتع الحكايات وأظرفها وأكثرها تسلية وفكاهة، وقد قسم زيدان كتابه إلى نوادر أدبية، ونوادر شعرية، ورباعيات، بالإضافة إلى بعض المواقف الفكاهية التي وردت في الأثر.
إبراهيم زيدان
رأى «سلامة موسى» أن السبيل الوحيد لتحقيق استقلال حقيقي (ليس بصوري) لمصر عن المستعمر الإنجليزي ينبُع من استقلالها اقتصاديًّا؛ وذلك بأن تتحول مصر من مجرد دولة زراعية تصدِّر — فقط — حاصلات زراعية خامة إلى دولة صناعية تنتج ما تحتاج، بل وتنافس منتجاتها في السوق العالمية. والصناعة كذلك هي سبيل أيِّ أمة تطلب رقيًّا وتمدُّنًا كما يرى موسى، فهي تنشِّط الإبداع وتدفع للتطور والاعتماد على مخترعات العلم الحديث لزيادة الإنتاج وتجويده، على عكس الزراعة التي تغرس في ممارسيها نوعًا من الجمود والاستسلام للطبيعة، فدعا إلى الاهتمام بالصناعة الوطنية وتشجيعها بشراء المنتج المصري لا الأجنبي، مما سينعكس أيضًا على مشكلة البطالة التي نبَّه إليها وقدَّم حلولًا ونصائح للقضاء عليها، كما أشار إلى المعوقات التي تواجه الصناعة المصرية وسُبُل التغلب عليها في وصفة موجزة.
سلامة موسى
يمر الإنسان بعدة مراحل عمرية، تعد الشيخوخة أحد هذه المراحل، بل آخرها، ويصحبها في الغالب خصائص جسدية ونفسية وعقلية معينة، حيث ينزع الجسد للضعف بعد القوة، والسكون بعد الحركة، والهدوء بعد النشاط، وتأخذ صحة الإنسان في الانحدار. هذه العوارض الجسدية عادة ما تترك أثارًا نفسية تؤثر بشكل سلبي على الإنسان وتدفعه إلى الاعتقاد بانتفاء قيمته في الحياة. لذلك وضع سلامة موسى هذا الكتاب، وغايته ليس أن يزيد حياة من شاخ سنينًا، بل أن يزيد سنينه حياة، فهو يهتم بكيفية تفعيل الأبعاد السيكلوجية والعقلية للمسن، فمرحلته العمرية هي مرحلة والخبرة والحكمة الإيناع الكامل.
سلامة موسى
Copyright©2020 China Intercontinental Press. All rights reserved
京ICP备13021801号